.تفسير الآية رقم (82):
{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82)}{وَآمَنَ} {صَالِحَاً}(82)- وَكُلُّ مَنْ تَابَ إِلَى اللهِ، وَرَجَعَ عَمَّا كَانَ فِيهِ مِنَ الكُفْرِ وَالشِّرْكِ وَالمَعْصِيَّةِ وَالنِّفَاقِ... وَآمَنَ بِقَلْبِهِ، وَعَمِلَ صَالِحاً بِجَوَارِحِهِ، وَاسْتَقَامَ عَلَى السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، وَلَمْ يُشَكِّكَ، فَإِنَّ اللهَ يَغْفِرُ لَهُ ذُنُوبَهُ وَيَتُوبُ عَلَيْهِ.
.تفسير الآية رقم (84):
{قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84)}(84)- فَأَجَابَ مُوسَى رَبَّهُ مُعْتَذِراً: هُمْ آتُونَ خَلْفِي، وَعَلَى أَثَرِي، وَمَا تَقَدَّمْتُهُمْ إِلا بِخُطُوَاتٍ قَلِيلَةٍ، وَعَجَّلْتُ إِلَيْكَ رَبِّي لِتَزْدَادَ عَنِّي رِضاً، وَقَدْ ظَنَنْتُ أَنَّ تَقَدُّمِي عَلَيْهِمْ لَيْسَ فِيهِ مَا يُؤْخَذُ عَلَيَّ.
.تفسير الآية رقم (86):
{فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86)}{غَضْبَانَ} {ياقوم}(86)- وَبَعْدَ أَنْ أَخَبَرَ اللهُ تَعَالَى مُوسَى، بِمَا أَحْدَثَهُ قَوْمُهُ بَعْدَ أَنْ تَرَكَهُمْ وَهُوَ مُتَوَّجِهٌ إِلَى مِيقَاتِ رَبِّهِ، غَضِبَ غَضَباً شَدِيداً وَعَادَ إِلَى قَوْمِهِ، وَهُوَ مَغِيظٌ مُحْنَقٌ، فَقَالَ لَهُمْ: يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدُكُمْ رَبُّكُمْ عَلَى لِسَانِي بِكُلِّ خَيْرٍ فِي الدُّنْيا، وَبِحُسْنِ العَاقِبَةِ فِي الآخِرَةِ، وَقَدْ شَاهَدْتُمْ نَصْرَهُ إِيَّاكُمْ عَلَى عَدُوِّكُمْ، وَإِظْهَارِكُمْ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَطُلِ العَهْدُ عَلَيْكُمْ حَتَّى تَنْسُوا وَعَدْ اللهِ لَكُمْ، بَلْ أَرَدْتُمْ بِسُوءِ صَنِيعِكُمْ هَذَا أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ، فَأَخْلَفْتُمْ مَا عَاهَدْتُمُونِي عَلَيْهِ مِنَ الثَّبَاتِ عَلَى الإِيمَانِ.أَسِفاً- حَزِيناً أَوْ شَدِيدَ الغَضَبِ.مَوْعِدِي- وَعْدَكُمْ لِي بِالثَّبَاتِ عَلَى دِينِي.
.تفسير الآية رقم (88):
{فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88)}(88)- وَقَدْ صَنَعَ السَّامِرِيُّ لَهُمْ مِنْ هَذِهِ الحِلِيِّ تِمْثَالاً عَلَى هَيْئَةِ عِجْلٍ مُجَسَّدٍ، وَكَانَ إَذَا هَبَّتِ الرِّيْحُ، وَدَخَلَتْ فِي جَوْفِهِ أَحْدَثَتْ صَوْتاً يُشْبِهُ خُوَارَ العِجْلِ، وَدَعَاهُمْ إِلَى عِبَادَتِهِ، فَكَانَ الضَّالُّونَ يَسْجُدُونَ لَهُ إِذَا خَارَ، وَيَرْفَعُونَ رُؤُوسَهُمْ إِذَا خَارَ. وَأَحَبَّهُ الضَّالُّونَ وَافْتُتِنُوا بِهِ، وَكَانُوا يَقُولُونَ إِنَّ هَذَا العِجْلَ هُوَ إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسَى، وَقَدْ نَسِيَ مُوسَى قَبْلَ ذَهَابِهِ إِلَى مَوْعِدِهِ مَعَ رَبِّهِ أَنْ يَذْكُرَ لَكُمْ أَنَّ هَذَا العِجْلَ هُوَ إِلهُهُ (وَقَالَ مُفَسِّرُونَ آخَرُونَ إِنَّ المَعْنَى هُوَ: إِنَّ مُوسَى ذَهَبَ يَطْلُبُ رَبَّهُ فَوْقَ الجَبَلِ، وَنَسِيَ أَنَّ رَبَّهُ حَاضِرٌ هُنَا).عِجْلاً جَسَداً- مُجَسَّداً أَيْ أَحْمَرُ مِنْ ذَهَبٍ.لَهُ خُوَارٌ- لَهُ صَوْتٌ كَصَوْتِ البَقَرِ.
.تفسير الآية رقم (90):
{وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90)}{هَارُونُ} {ياقوم}(90)- وَقَدْ نَهَاهُمْ هَارُونُ عَلَيْهِ السَّلامُ، قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ مُوسَى، عَنْ عِبَادَةِ العِجْلِ، وَأَخَبْرَهُمْ أَنَّ العِجْلَ فِتْنَةٌ وَاخْتِبَارٌ لَهُمْ مِنَ اللهِ، وَأَنَّ اللهَ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمِ هُوَ رَبُّهُمْ، فَهُوَ الَّذِي خَلَقَهُمْ وَخَلَقَ كُلَّ شَيءٍ وَقَدَّرَهُ. ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى إِطَاعَةِ أَمْرِهِ، وَالانْتِهَاءِ عَنْ عِبَادَةِ العِجْلِ.
.تفسير الآية رقم (92):
{قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92)}{يَا هَارُونُ}(92)- وَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً، وَأَلْقَى مَا كَانَ فِي يَدَيْهِ مِنَ الأَلْوَاحِ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَيْهِ رَبُّهُ، وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخْيهِ يَجُرُّه إِلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ: مَا الَّذِي مَنَعَكَ مِنْ أَنْ تَكُفَّهُمْ عَنْ هَذِهِ الضَّلالَةِ، حِينَمَا رَأَيْتَهُمْ وَقَعُوا فِيهَا؟مَا مَنَعَكَ- مَا حَمَلَكَ.
.تفسير الآية رقم (94):
{قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94)}{يَبْنَؤُمَّ} {إِسْرَآئِيلَ}(94)- فَقَالَ هَارُونُ مُعْتَذِراً وَمُتَرَفِّقاً: يَا أَخِي، وَيَا ابْنَ أُمِّي لا تُعَاجِلُنِي بِغَضَبِكَ، وَلا تَمْسِكْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي، إِنِّي خَشِيتُ إِنِ اتَّبَعْتُكَ وَأَخْبَرْتُكَ بِهَذا أَنْ تَقُولَ: لِمَ تَرَكْتَهُمْ وَحْدَهُمْ، كَمَا خَشِيتُ إِنْ شَدَّدْتُ عَلَيْهِمْ فَتَفَرَّقُوا شِيَعاً، أَنْ تَقُولَ لِي لِمَ فَرَّقْتَ بَيْنَ القَوْمِ، وَلَمْ تَتَقَيَّدُ بِمَا أَمَرْتُكَ بِهِ حِينَ اسْتَخْلَفْتُكَ عَلَيْهِمْ؟
.تفسير الآية رقم (96):
{قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96)}(96)- قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ السَّامِرِيَّ كَانَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ بَاجِرِ وَكَانَ قَوْمُهُ يَعْبُدُونَ البَقَرَ، وَكَانَ حُبُّ البَقَرِ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ لِمُوسَى: إِنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ حِينَ جَاءَ لِهَلاكِ فِرْعَوْنَ، فَقَبَضَ بِكَفِّهِ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ مِنْ تَحْتِ حَافِرِ فَرَسِ جِبْرِيلَ، ثُمَّ أَلْقَى مَا كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ تُرَابٍ فَوْقَ الحِلِيّ الَّتِي أُضْرِمَتْ فِيهَا النَّارُ مِنْ قِبَلِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ أَنْ قَذَفُوهَا فِي الحُفْرَةِ، ثُمَّ دَعَا أَنْ يَكُونَ عِجْلاً فَكَانَ. وَهَكَذا حَسَّنَتْ لَهُ نَفْسُهُ هَذَا العَمَلِ (وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي).(وَقَالَ مُفَسِّرُونَ آخَرُونَ إِنَّ المَعْنَى هُوَ أَنَّ السَّامِرِيُّ قَالَ لِمُوسَى: إِنَّهُ كَانَ آمَنَ بِهِ رَسُولاً، وَاقْتَفَى أَثَرَهُ، وَتَبِعَ دِينَهُ، ثُمَّ اسْتَبَانَ أَنَّ ذَلِكَ ضَلالٌ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِحَقٍّ، فَطَرِحَهُ وَرَاءَهُ ظِهْرِيّاً، وَسَارَ عَلَى نَهْجِ الَّذِي رَأَى، وَلَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى فِعْلَ مَا فَعَلَ إِلا هَوَى النَّفْسِ).بَصُرْتُ- عَلِمْتُ بِالبَصِيرَةِ.فَنَبَذْتُهَا- فَأَلْقَيْتُهَا فِي الحِلِيِّ الذَّائِبِ.سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي- زَيَّنَتْ وَحَسَّنَتْ.
.تفسير الآية رقم (98):
{إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (98)}(98)- وَبَعْدَ أَنْ أَحْرَقَ مُوسَى العِجْلَ، وَذَرَاهُ فِي البَحْرِ، قَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: إِنَّ هَذا العِجْلَ لَيْسَ إِلَهُكُمْ وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ إِلهُكُمْ وَهُوَ الَّذِي لا تَنْبَغِي العِبَادَةُ إلا لَهُ، فَهُوَ اللهُ تَعَالَى، وَهُوَ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ، وَمُحِيطٌ عِلْمُهُ بِكُلِّ شَيْءٍ، وَقَدْ أَحَصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً، فَلا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ.
.تفسير الآية رقم (100):
{مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (100)}{القيامة}(100)- مَنْ كَذَّبَ بِهِ وَأَعْرَضَ عَنِ اتِّبَاعِهِ، وَابْتَغَى الهُدَى مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يُضِلُّهُ، وَيَأْتِي بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَهُوَ يَحْمِلُ حِمْلاً ثَقِيلاً (وِزْراً)، مِنَ الكُفْرِ، وَظُلْمِ النَّفْسِ، وَالذُّنُوبِ، فَيَهْوِي فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ.وِزْراً- عُقُوبَةً ثَقِيلَةً عَلَى إِعْرَاضِهِ.
.تفسير الآية رقم (102):
{يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (102)}{يَوْمِئِذٍ}(102)- حِينَ يَحِينُ قِيَامُ السَّاعَةِ، يَقُومُ المَلَكُ المُكَلَّفُ بِالنَّفْخِ فِي الصُّوْرِ، بِالنَّفْخِ فِيهِ، فَيَصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ مَرَّةً أُخْرَى، فَيَحْشُرُ اللهُ النِسَاءَ جَمِيعاً، وَيَخْرُجُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ سِرَاعاً يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ، وَيَكُونُ المُجْرِمُونَ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ زُرْقَ الوُجُوهِ، مِنْ شِدَّةِ مَا يَرَوْنَهُ مِنَ الأَهْوَالِ وَالشَّدَائِدِ.(وَقِيلَ بَلْ يُحْشَرُونَ زُرْقَ العُيُونِ مِنَ الهَوْلِ وَالفَزَعِ).وَالصُّورُ- قَرْنٌ يُنْفَخُ فِيهِ فَيُحْدِثُ صَوْتاً.وَالنَّفْخَةِ الأُوْلَى فِي الصُّورِ- إِيذَانٌ بِإِهْلاكِ الخَلائِقِ جَمِيعاً إِلا مَنْ شَاءَ اللهُ.- وَالنَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ إِيذَانٌ بِالبَعْثِ وَالنُّشُورِ.زُرْقاً- زُرْقَ العُيُونِ أَوْ زُرْقَ الوُجُوهِ مِنَ الهَوْلِ، أَوْ عُمْياً.
.تفسير الآية رقم (104):
{نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا (104)}(104)- وَيَذْكُرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَتَحَدَّثُونَ بِهِ فِيمَا بَيْنَهُمْ حَوْلَ مُدِّةِ لَبْثِهِمْ فِي الدُّنْيا، فَالعَاقِلُ الكَامِلُ بَيْنَهُم (أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً) يَقُولُ: إِنَّكُمْ لَمْ تَلْبَثُوا إِلَى يَوْماً وَاحِداً- وَذَلِكَ لِقِصَرِ مُدَّةِ الدُّنْيَا فِي أَنْفُسِهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ- وَغَايَتِهِمْ مِنَ التَّذَرُّعِ بِهَذا القَوْلِ هِيَ دَرْءُ قِيَامِ الحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّ الدُّنْيَا كَانَتْ مُدَّتُهَا قَصِيرَةٌ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَقْتٌ لِلتَّفْكِيرِ فِي أَمْرِهِمْ، وَالإِيمَانِ بِرَبِّهِمْ.أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً- أَعْدَلُهُمْ وَأَفْضَلُهُمْ رَأْيا.
.تفسير الآية رقم (106):
{فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106)}(106)- فَيَذَرُهَا بِسَاطاً وَاحِداً مُسْتَوِياً.القَاعُ- المُسْتَوِي مِنَ الأَرْضِ.الصَّفْصَفُ- تَعْبِيرٌ عَنِ اسْتِوَاءِ الأَرْضِ، أَوْ هُوَ الأَرْضُ التِي لا نَبَاتَ فِيهَا.
.تفسير الآية رقم (108):
{يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108)}{يَوْمَئِذٍ}(108)- وَيَوْمَ يَرَوْنَ كُلَّ ذلِكَ يَتْبَعُونَ الدَّاعِيَ مُسَارِعِينَ إِلَيْهِ حَيْثُمَا أَمَرَهُمْ، وَلا يَمِيلُونَ عَنْهُ، وَتَسْكُنُ الأَصْوَاتُ خُشُوعاً للهِ، فَلا يُسْمَعُ لِهَذِهِ الخَلائِقُ صَوْتٌ مُرْتَفِعٌ، وَلا يُسْمَعُ غَيْرَ وَطْءِ أَقْدَامِهِمْ وَهُمْ مُسْرِعُونَ وَرَاءَ الدَّاعِي إِلَى المَحْشَرِ، وَيَتَكَلَّمُونَ هَمْساً فِي إِسْرَارٍ وَصَوْتٍ خَفِيٍّ.لا عِوَجَ لَهُ- لا يَعْوَجُّ لَهُ مَدْعُوٌ، وَلا يَزِيغُ عَنْهُ.هَمْساً- صَوْتاً خَفِيّاً خَافِتاً.
.تفسير الآية رقم (110):
{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110)}(110)- وَاللهُ تَعَالَى يُحِيطُ عِلْماً بِالْخَلائِقِ كُلِّهِمْ، وَيَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِي العِبَادِ مِنْ شُؤُونِ الدُّنْيا، وَمَا خَلْفَهُمْ مِنْ شُؤُونِ الآخِرَةِ، وَهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً مِنْ تَدْبِيرِهِ وَحِكْمَتِهِ.
.تفسير الآية رقم (112):
{وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112)}{الصالحات}(112)- أَمَّا الَّذِي آمَنَ بِاللهِ، وَبِكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ جَمِيعاً، وَعَمِلَ الأَعْمَالَ الصَّالِحَاتِ، عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ، فَلا يَخَافُ مِنْ أَنْ يَحْمِلَ اللهُ عَلَيْهِ ذَنْبَ غَيْرِهِ، وَلا يَخَافُ مِنْ أَنْ يَنْقُصَهُ شَيْئاً مِنْ حَسَنَاتِهِ.الظُّلْمُ- حَمْلُ ذَنْبٍ عَلَى امْرِئٍ وَهُوَ لَمْ يَرْتَكِبْهُ.الهَضْمُ- النَّقْصُ وَغَمْطُ المَرْءِ شَيْئاً مِنْ حَقِّهِ.
.تفسير الآية رقم (114):
{فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)}{فتعالى} {بالقرآن}(114)- تَنَزَّهَ اللهُ المَلِكُ الحَقُّ، وَتَقَدَّسَ سُبْحَانَهُ، فَوَعْدُهُ حَقٌّ، وَوَعِيدُهُ حَقٌّ. وَمِنْ عَدْلِهِ تَعَالَى أَنَّهُ لا يُعَذِّبُ أَحَداً قَبْلَ الإِنْذَارِ وَإِرْسَالِ الرُّسُلِ، لِكَيْلا يَبْقَى لأَحَدٍ حُجّ وَلا شُبْهَةٌ.وَكَانَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم- كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ- يُعَانِي مِنَ الوَّحِي شِدَّةً، فَكَانَ يُحَرِّكُ لِسَانَهُ بِهِ، وَيُكَرِّرُ مَا تَلاهُ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، مِنْ شِدَّةِ حِرْصِهِ عَلَى حِفْظِ مَا يُوحَي إِلَيْهِ، فَأَرْشَدَهُ اللهُ تَعَالَى إِلَى مَا هُوَ أَسْهَلُ وَأَخَفُّ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: فَإِذَا قَرَأَ عَلَيْكَ المَلَكُ القُرْآنَ فَأَنْصِتْ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ فَاقْرَأْهُ بَعْدَهُ، وَقُلْ: رَبِّ زِدْنِي عِلْماً.وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
«اللَّهُمَّ انْفَعْنِي بِمَا عَلَّمْتَنِي، وَعَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي، وَزِدْنِي عِلْماً وَالحَمْدُ للهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ». أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ.قَبْلِ إَن يُقْضَى- قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ وَيَتِمَّ.